ابتلاء الأنبياء ١ ( كل إثنين آيه)

 


ابتلاء الأنبياء ١ ( كل إثنين آيه)

بين يديكم سورة الأنبياء لمن أراد الصبر على البلاء فاليتعظ بقوة ثباتهم ويقينهم فمنهم من ابتلي بالفقد ومنهم من ابتلي بالحرمان ومنهم من ابتلي بالأمراض  ومنهم من ابتلي بالتهديد بالنار ومنهم من ابتلي بالعقم ومنهم من ابتلي بالحبس ، فماذا بعد البلاء ؟ دعاء فنداء فدعاء فتضرع وابتهال وافتقار ودعاء ودعاء ودعاء
ولأنها دار بلاء وعناء وشقاء وامتحان وتمحيص ليميز الله المؤمن القوي من المؤمن الضعيف ومن فيه بذرة نفاق ومن في قلبه ذرة إيمان لذا قال سبحانه وتعالى ( 
وَلَنَبْلُوَنَّكُم )

( لتبلون ) ولأن البلاء يُظهر حقيقة الإيمان , والإيمان يظهر أهمية الصبر 
كان الأنبياء أعظم الناس بلاء وبالتالي صبرا واحتسابا وبالتالي فازوا بأعلى درجات الجنة وبالتالي كانوا قدوة لكل مبتلى..

وسأبدأ بأول نبين في سورة الأنبياء وسأشرح بحول الله قصة كل نبي مع نوعية إبتلاءه في درس مستقل

فلم تكن معاناة موسى عليه السلام مع بني إسرائيل فقط
ومن المعلوم مالليهود من عناد وتعنت ومعارضة لأنبياءهم ومجادلة لهم ووصل الحال بهم لقتل الانبياء ، بدليل أنه عانى منهم قبل وبعد خروجهم من مصر ، ولكن ابتلاءه كان أيضا مع فرعون وقومه.. وابتلاءه وهو في بطن أمه وهو رضيع وهو شاب وهو كهل أيضا لذا يقول النبي صلى الله عليه وسلـم :
«يَرْحَمُ اللهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ»، متفق عليه.

إذا قصته تبين لنا أن الانسان قد يعاني من القريب والبعيد والعدو والصديق وقد يبتلى وهو صغير وهو كبير وليس شرطا أن يكون الابتلاء بسبب نقص او ذنب في الانسان فموسى كليم الله ومن أولي العزم من الرسل، وآتاه الله أول كتاب سماوي ( محفوظ حتى الآن رغم تحريفه ) وفي سورة الانبياء يقول سبحانه ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48) الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49) الأنبياء )

ولأن الله أعطاهما الكتاب الذي يفرق بين الحق والباطل والذي بهما خشعت وخشيت قلوبهما كان البلاء على قدر الإيمان...

وبقليل من التأمل في الدعاء ندرك أهميته عند البلاء وأن كل بلاء يحتاج لكلمات تناسب الحال

🔹 فإن كنت تتلعثم بالقول، وتخاف بطش عدو ، وتتردد في الرد ، فاستعن بالله ليشرح صدرك ويطلق لسانك، مع طلب الإستعانة بأخيك أو صديق مقرب لك فموسى عليه السلام طلب ذلك حين أراد أن  يواجه أكبر طاغية بعدما أمره الله أن يذهب لهدايته فقال ( قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى )



🔹 وإن أخطأت فبادر بالإستغفار سواء كنت قاصدا أم غير قاصد
فموسى عليه السلام حين أخطأ وقتل الفرعوني دون قصد قال ( قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )

🔹 وحين بشره الله بالمغفرة قال (قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) أي ياربي لن اعتدي على حدودك وأعين الظالمين بعدما غفرت لي بل سأستمر على التوبة

🔹 وإن خفت من ظالم فادع بدعاء موسى حين خرج خائفا مترقبا من بطش فرعون أن يقتله ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )


🔹 أما إن احترت في أمر أو خيرت بين أمرين فدونك دعاء موسى عليه السلام ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) فاختار الله له بلاد الشام

🔹 أما وقد فقدت مقومات وأساسيات الحياة أو أوشكت على الهلاك فادع بدعاء موسى عليه السلام بعدما سقى للمرأتين من البئر وذهب يستظل بالشجرة ( فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ) فعوضه الله بعد الفقد السكن والأهل والطعام بدعوة واحدة

🔹 وحين خرج من مصر مع بني إسرائيل وقد خافوا وتملكهم اليأس قال لهم بثبات ( كلا إن معي ربي سيهدين ) وببركة هذه الدعوة شق له البحر

وأدعيته المكررة على فرعون تبين أن الطغاة لن يوقفهم ويدحرهم إلا الدعاء عليهم وهو درس قرآني عظيم، وهاهنا دعاء يبين حقيقة ذلك ( قَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَايُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ. قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا )

النبي التالي بعد موسى عليه السلام ( إبراهيم ) عليه السلام فكونوا معنا


الكاتبة : سناء الشاذلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونةسناء الشاذلي2017