الشرط الذي تلاقي به نبيك عند الحوض
_ ماذا لو قيل لك أن نهرا شاسعا على الضفة الأخرى..
وقد كنت جائعا عطشا تائها
هلاَ تُراك تُبطِئ المسير أم تسارع الخُطى متحاملا على نفسك؟رغم العطش والإجهاد لتظفر بشَربة تُقيك الموت وتبعث في نفسك الحياة يطلق عليها مسمى ( شراب الحياة )
_ وهاأنت تسير بعدما وجدتَ بصيص أمل لشَربة الحياة
متجاهلا كل الصعوبات في سبيلها
_ وفي طريقك واجهتك الأهوال فمنحدرٌ، وهضبةٌ، فمرتفعٌ، فجبلٌ، فواديا، فيه الهوام،والسباع، فمستنقعٌ، فأشواكٌ فمرتفعاتٌ، ومنخفضاتٌ.. وتُمنِي نفسكَ مُصبراً لها_آه ماأصعب الطريق وماأشد المسير، إصبري يانفسي فبعد الصِعاب راحةً وشَرابُ حياةٍ لولاه ستَمُوتِ فاصبري يانفسي، إصبري
_ ثم بعد جهد جهيد هاهو النهر أمامك،
ياإلهي هل يُخَيَلُ إليَ؟
هل هذا سراب أم حقيقة،؟
هل أعياني التعبُ فما عدتُ أفرق؟
لماذا لا أقترب فأتحققَ ؟
وتَقتَرِبَ واقفاً على قدميكَ، ثم راكعاً، ثم زاحفاً، ثم تقِفُ، ثم تسقطُ، ثم تزحفُ، ثم تقِفُ.. وهكذا
ياإلهي... إنه النهرَ حقاً
_ ياإلهي.. إني أرى رجلا، هل تراه حارس النهر؟ هل تراه سيمنَعَني؟ لا أظن فيبدو عليه أنه رؤوف رحيم
ماهذا؟ أرى خلقاً قد سبقوني، وأراه يُقَدمُ لهم أكواز الماء،
ماهذا؟ لماذا يردُ عن نهره أناساً آخرين!
لكنك.... حين وصلتَ
وجدتُهُ مُشِيرا إليك مبتهجا ومشجعا، أنك وصلت وعليك آثار التعب باديةً، فعلم أنك صبرتَ فظفرتَ، وبالتالي كافأك فنلتَ كاساً من ذلك النهر..
فتَناولتَهُ وبشَربةٍ واحدةٍ شعرت بأن روحكَ قد عادت إليكَ، غير أن الحياة لم تعُد إليك بجرعة الماء تلك، بل عادت لإمتلاء عينِك من ذلك الرجل، لأنه المُنقِذ والأمل بعد الله
_ فهل إستشعرتَ كيف ستكون فرحتك عظيمه برؤية الرجل والنهر؟
_فكيف إذا كان ذاك النهر هو حوض النبي صلى الله عليه وسلم وذاك الرجل هو رسولك صلى الله عليه وسلم
حتما ستفوزَ فوزاً عظيما...وستهون عليك الصِعاب
_بشرط أن تلتزم بالشرط
لتقف على الحوض بالحفاوة مرفود لا مطرود
بوجه ناضر لا باسر
بوجه مسرور لا مكظوم
بقلب سليم منيب لا قلب مريب
وهو نفس الشرط الذي قارعته حين كنت تائها عطشا
فمن أجل شربة ماء قارعت الأهوال فصبرت وظفرت
فلابد من الصبر والتصبر
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال( إنها ستكون بعدي أثرةً وأمورٌ تنكرونها قالوا يارسول الله فما تأمرنا؟ قال : تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم)
وفي رواية ( فاصبروا حتى تلقوني على الحوض)
والأثرة_ هي الإنفراد بالشئ دون أصحاب الحق، والإستئثار بالحقوق والأموال
والمقصود _فأمور تنكرونها_ ( أي التبديل والتغير) حتى في العبادات وخاصة الصلاه وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيكون أقواما يؤخرون الصلاه
والإستئثار والتبديل... لا ينفع معهما إلا شرط الصبر
أتدري على ماذا تصبر؟
أن تصبر على الطاعه وعن المعصيه.. وعلى المصائب
وشرط شُربِك من حوض نبيك صلى الله عليه وسلم
ان تصبر خاصة على الإيثار
ففي كل زمان سترى من يستأثرون في كل شيء..
فكيف في زمانكَ؟
فأنت في زمان..
يؤثرون بأنفسهم ولأنفسِهِم ولو كان عندهُم كِفاية.. فالكِفاية لم تَكفِهم قناعه..
أنت في زمانٍ...
يَطْمعون ولو كانوا أغنياء
يُخطئون ويَسلبون منك الحقوق وأنت صاحب الحق
أنت في زمانٍ....
يستأثِرون فيه بأفكارهم وآرائهم على فكرك ورأيكَ
وربما صادروا أو سرقوا آراءك!
أنت في زمانٍ...
يسرق السارق أرض غيره ولديه مئات الأراضي،
أنت في زمانٍ...
يستأثر فيه بعضهم بالميراث عدوانا وظلما
أنت في زمانٍ...
يقاطِعونك فيه ويستمرون وهم مصرون أنهم مظلومون
وتموتَ وتبعثَ وهم مصرون.. عزاءك في ذلك ( اصبروا حتى تلقوني على الحوض)
_ ألا ترى كيف
يقاطعونك بلا وجه حق مُجَانَبين للعدل..
وإذا كانت عائشه رضي الله عنها تصف التبديل والتغير في زمانها فكيف بزماننا حيث قالت:
ذهب الذين يُعاشُ في أكنافِهِم_
وبقِيتُ في خَلَفٍ كجِلدِ الأجربِ
_ ألا ترى كيف
يُطَفِفُون في الكيل والميزان ويطففون بالكلام والأفعال ( الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ )
_ ألا ترى كيف
يؤثرون لأنفسهم بالوظائف عن طريق الواسطات وغيرهم بلا وظائف
_ ألا ترى كيف
يستأثر بعض الأزواج بمال وحق الزوجه والعكس؟
_ ألا ترى كيف
تعج المحاكم بقضايا الطلاق والخلع والصَداق والنفقة
_ ألا ترى كيف
تستأثر أم الزوج جُورا وتعدياً على زوجة إبنها
وكيف تستأثر زوجة الإبن بالإبن بعيدا عن أهله وأمه وإخوته؟ عزاءك في ذلك ( إصبروا حتى تلقوني على الحوض)
_ ألا ترى
إستئثار المدير وتسلطه على المعلمين
وإستئثار المعلم على التلاميذ؟ عزائك في ذلك ( إصبروا حتى تلقوني على الحوض)
_ألا ترى كيف
يبخس بعض الأطباء حق المريض لدرجة إستئثار بعضهم بقيمة الدواء والتحاليل في سبيل كسب مزيدا من المال؟
عزاءك في ذلك( إصبروا حتى تلقوني على الحوض)
_ ألا ترى...
البائع كيف يؤثر لنفسه من أجل المال.. فيغش في بضاعته...
_ ألا ترى كيف
يستأثر العامل ببعض مواد البناء ليكسب أكثر من حقه
والقائمة تطول ولا أعمم.. مايدل على أهمية إيفاء الشرط.. ( إصبروا حتى تلقوني على الحوض) فمن صبر ظفر
وفي المقابل من صبر على الأمانه في أقواله وأفعاله وتعاملته ظفر ونال شرف الوقوف على الحوض
# هو الحوض وأي حوض إنه حوض نبيك صلى الله عليه وسلم
وأسمع معي ماذا يقول صلى الله عليه وسلم ( إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر واردةً وإني أرجو أن أكون أكثرهم واردة)
فأفْرِح نبيك وكن واردا على حوضه مُكاثرا له ليتباهى بك
والحوض ماؤوه مستمد من الكوثر فالكوثر والحوض ماؤهما واحد إلا أن أحدهما في الجنه والآخر في المحشر
( يغُت فيه ميزابان يمدانه من الجنه أحدهما من ذهب والآخر من ورق) يغت.. أي يتدفق تدفقا شديدا
وورودك على حوضه ببذل الأسباب الموجبة لنيله خاصة الصبر على الأمور المنكرة.. والإيثار
وإليك وصفا آخر
( ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وطوله وعرضه سواء)
ووفي رواية( وأكوابه عدد نجوم السماء من شرب منه لم يظمأ ابدا)
وسعته( إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن)
فاللهم أعنا على الصبر كي نظفر بشربة هنيئة من يده الشريفة لا نظمأ بعدها أبدا
خادمة الدعوة.. سناء الشاذلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق