رقصة الكيكي.. بين غريزة القطيع والتطبيع



 


 

رقصة الكيكي.. بين غريزة القطيع والتطبيع

لم تكن فتاة الخبر في السعودية الأولى في تقليد رقصة الكيكي التي انتشرت على مستوى العالمين العربي والغربي بعدما قام شخص بالرقص خارج السيارة وهي تمشي والقيام بحركات راقصة ومعبرة عن حبه لفتاة تدعى كيكي.. ومن ثم انتشر الفديو وفي خلال أسبوع  واحد فقط في العالم العربي يقلده 150 ألفا!!

 من نساء ورجال وكبار وصغار في سلوك قطيعي يدل على التبعية والذوبان في الآخر..واتباع للأهواء والعواطف وحب التقليد الأعمى بعيدا عن إستعمال العقل..
ولم يسلم من سرب القطيع مغني مشهور.. ومجهول مغمور.. وغربي مهوس.. وعربي مغرور..

لتخرج علينا أخيرا فتاة رقصة الكيكي بالخبر.. بشكل مبتذل ولباس غير محتشم.. خالعة للحجاب.. وأسفل الثياب.. متحدية قوانين البلاد.. ومستفزة للعباد.. ضاربة بعرض الحائط للقيم والمبادئ الدينية والأخلاقية الفطرية..



مايدل على عدة أمور :
 
1_لايمكن أن تنخلع فجأة من ثوابت الدين.. والقيم الفطرية دون مقدمات.. على رأسها الأساس التربوي.. وبعيدا عن إتهام الأهل والتشكيك في تربيتهم على وجه الخصوص لأني لا علم لي بأصل تنشأتها.. لكني على وجه العموم أؤكد نظرية علماء النفس في تأثير التربية على الطفل من عمر السنتين حيث يختزن الطفل المؤثرات ليعبر عنها فيما بعد.. والسنتين الأولى تقوم على القدوة و التقليد بينما الثالثة على التلقين  وينطبق هذا على مايشاهده الطفل من أفلام الكرتون.. ومن محيط أسرته.. بالتالي حين تخرج فتاة بهذا الشكل السافر فلا يتوقع أنه ظهر فجأة بلا مقدمات.. منها أصل التنشئة.. ومنها تساهل الأهل.. منها الثقة الزائدة والحرية المنكوسة.. فكل مولود يولد على الفطرة.. وأبواه لا يؤثران فقط في عقيدته بل وفي سلوكه وإختياره وأخلاقه بنسبة 50 بالمائة.. إلا إذا اجتالته شياطين الإنس والجن

2_من مقدمات خروج الفتيات بالشكل الذي خرجت به راقصة الكيكي.. التساهل في الإختلاط وكشف الوجه والتحدث مع الرجال ورفع الكلفة.. وأعني بالإختلاط ماهو موجود في كثير من الأسر فلا حواجز بين المراهقين بناتا وأولادا.. فإبن العم يقابل بنت العمة وكذلك ابن الخال.. وقس على هذا أزواج الأخوات ووو فمن ينشأ هكذا فغالبا يسهل معه كل شي لاحقا خاصة إذا صاحبه تساهل الأهل.. وغريزة القطيع.. مما يسهل نزع الغريزة الفطرية لخلق الحياء والذي تقويه وتعززه الأسرة المحيطة

 

3_إذا تربى الطفل على مناظر الشورتات.. والتراقص.. والمايوهات..وأنغام الموسيقى بشكل مستمر.. فيتأثر بشكل سلبي.. وللأسف رأينا من يجاهر بهذا على مواقع التواصل.. حيث يتواجد الأطفال والمراهقين في بيئة كان من المفترض أن تربيه على خلق الحياء فهي المحضن الأول والحصن المنيع فإذا بها تربيه على قلة الحياء والتعود على خلع اللباس.. والنظر على العورات.. لكم أشفق على جيل لايعرف لا في واقعه ولا مسلسلاته. ولا من أقرب الناس إليه وهي المسؤولة عن تربيته_ أمه_.. قيمة الحياء فيراها راقصة خالعة في حفلات صاخبة.. فكيف بالله سيتربى.. ولا في توجيهاتها! والتي يفترض أن تقول له(الحياء لايأتي إلا بخير) وأنها صفة من صفات الله ومن اتصف بها قادته إلى رحمته( وإن الله حيي ستير يحب الستر) وأنها صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان أشد من العذراء في خدرها..

 



4_رقصة الكيكي.. سبقتها رقصة البطريق.. والكائن الفضائي.. وموسيقى الروك.. وأنغام مايكل جاكسون.. وقام بتقليدها أعداد مهولة.. من صفاتهم جنون الشهرة.. وحب الظهور.. تسبق تلك الصفات غريزة القطيع.. او العقل الجمعي وهي تشبه غريزة الحيوانات وتطلق عليها هندسة القطيع الأناني بمعنى أن كل عضو يخدم نفسه بالدرجة الأولى فهو حين يشعر بالخطر ينضم لمجموعته للحماية والإنسان ينضم بشكل أناني لقطيع المقلدين ليحمي نفسه من اللوم والعتاب وخطر المسؤولية الاجتماعية بقوله لست الأول والأخير..وهو في قرارة نفسه يعترف أنه خطأ ولو أيده القطيع المؤجر لعقله


 
يقول الكاتب الروائي البريطاني  وليام _ لو أن خمسين مليون شخص قالوا شيئا غبيا فإن ذلك لن يغير من حقيقة أنه غبي..
وينطبق تماما على رقصة الكيكي فتقليد 150 ألف شخص في أسبوع لها لايعني أنها شي مبتكر ومفيد بل تثبت أن أكبر ضرر لها إتباع القطيع الذي يسبقه بالتأكيد عقل لاواعي.. وشخصية غير منفردة ومستقلة بتفكيرها.. نعم غريزة القطيع لها جانب إيجابي ولكن بشرط أن يرتقي الإنسان بفكره ويبتعد عن سلوك القطيع بإرادة قوية وعقل رزين وشخصية الأنا_ الإنتقائية الغير تابعة لسلوك أو أفراد فيتعطل فكره ويذوب في الآخر.. ولعل أكبر مثال بعد محاكاة رقصة الكيكي هو انتشار المعسلات بين النساء بلا وعي لذلك على الإنسان أن يكون يقظا واعيا غير مندفعا لكل مايسمعه أو يراه..

 والإسلام دعا إلى ترك التبعية وعمق التفكير.. وإستقلالية القرار ونبه إلى أولئك التسعة الذين أرادوا قتل صالح(وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ) تسعة قادوا قطيعا كاملا وساقوهم بلا وعي

 
 

5_بين غريزة القطيع والتطبيع ترابط وثيق..
فالتطبيع يعني أن يحاكي الإنسان غيره ويتطبع بطباعه.. في حالة شبه حيوانية تشبه تماما الطير المسجون في قفصه مسلوب الإرادة إلا مما يمليه عليه السجان..
والتطبيع له جذور ممتدة منذ قرون وهو على أشده في عصر الإنترنت.. فما يراه الإعلام المضلل الماجن الداعي لنزع الحياء هو مايدفع الناس للتطبيع دون شعور بسبب إستعباد العقل.. فتجميل حياة المشاهير.. والتسويق لبرامج مسابقات الغناء والرقص.. وإظهار الفنانات والمذيعات متبرجات أو بحجاب وفق المقايس العالمية للزينة ولفت الأنظار.. وظهور الرجل مع المرأة في كل برنامج حتى برامج الكورة.. وغير ذلك هو من قبيل التطبيع مع الآخر..
فتطبيع الرذائل.. أذن بسقوط الحياء.. والفضيلة..
لكل إنسان حريته بأن يكون من ضمن القطيع ومع قوافل التطبيع.. أو حرية الفكر وإستقلالية القرار..

شكر لأمير المنطقة الشرقية على توجهه للقبض على الفتاة ومحاسبتها.. فمن أمن العقوبة أساء الأدب

سناء الشاذلي

هناك تعليق واحد:

  1. رائع استاذه سناء
    اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك👍👍👍

    ردحذف

ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونةسناء الشاذلي2017