مقاصد مهمة قبل الحج .. الطريق إلى عرفة 2
وفضل الليال العشرة
ماذا لو أقدم إنسان على سفر بعيد دون زاد؟ ماذا لو وصل دون معرفة أنظمة البلاد.. وأماكن السياحه المفضلة.. واللغة والعملة.. وهل هي آمنة أو غير آمنة حتما سيضيع هدفه من السفر ولو كان سفرا للعلم والتعلم.. لأنه لم يعرف ولم يستفسر وبالتالي ضاع هدفه وضل بغيته..
فكيف لو كان السفر .. سفر عبادة.. وطاعة.. ومحبة لله.. لاسفر سياحة..
لذا على كل حاج أن يتدبر مقاصد الحج وأهدافه ويفتش عن قلبه وينقيه ويصفيه ليقبل على الله بقلب سليم.. فيكون من المتقين.. فالحج أسمى معانيه التقوى.. في النية.. والقول.. والعمل..
وهو اسم على مسمى.. فالمعنى اللغوي للحج.. (القصد) فلا يقصد إلا وجه الله.. ولا تكون نيته إلا رضا الله
وهذه بعض المقاصد :
1_أعظمها(التوحيد)(وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) فكما طهرت من الأصنام التي كانت تعبد في الجاهلية.. تطهر بالتوحيد الخالص لله.. فلا إستغاثة ولا إستعانة بولي من أولياء المتصوفة.. كالذين يطوفون بالبيت.. ينادون ياعبدالقادر الجيلاني.. يابدوي.. ياحسين.. أو الإستعانة بالأئمة.. ياعلي.. يامهدي..
إن هؤلاء أسقطوا أعظم مقصد(أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ) ولم يحققوا الإستعانة بالله(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
لهؤلاء نقول :لا تطوفوا بالبيت.. لا تطوفوا بالبيت.. فصاحب البيت يقول( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا) ( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ )
إن رب البيت وحده المستحق لكل أنواع العبادة.. محبة ورجاء وإستعانة وإستغاثة.. وقد نبهنا أيضا أن لا نطوف بالبيت مكاء وتصدية.. كما كان يطوف أهل الجاهلية بالمكاء( بالصفير) والتصدية(الصفيق) إختلفت المسميات والأفعال واحدة.. فبعض الحجيج ينشدون.. ويصرخون.. ويصدون الآخرين بأفعالهم.. ويصورون وبنغمات هواتفهم لايتروعون
فمن منطلق الإخلاص. ومنطلق التحذير من المكاء والتصدية.. قامة أعمال الحج على توحيد الله..
1_التلبية: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.. فلا يعقل أن يشرك معه ولي ولا إمام.. (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا ۖ وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ) فلا تترك الإستعانة بالقوي المتين.. ويستعان ببيت أهون من بيت العنكبوت
2_صلاة الحاج خلف المقام بعد الإنتهاء من الصلاة.. أصل من أصول التوحيد.. فمن السنة أن يصلي ركعتين الأولى. يقرأ فيها (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ) براءة من الشرك والكفر بأنواعه.. وفي الثانية (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إقرارا بأنه الواحد الذي تصمد إليه الخلائق فلا تصمد لسواه من مخلوقات
3_يوم عرفة هو يوم التوحيد الخالص وتجديد الإيمان كما وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ماقلت أنا والنبيون من بعدي لاإله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)
4_أيام التشريق لتثبيت التوحيد الخالص بكثرة ذكر الله (إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله)
5_التكبير وهو من أعمال الحج عند الحجر الأسود.. والصفا.. وعند رمي الجمرات.. للتذكير بتوحيد الله وأنه أكبر من كل شي.. ولا يمكن بحال أن يكون الجيلاني.. والبدوي.. وعلي رضي الله عنه.. والحسين رضي الله عنه مساويين لله في قدرته المطلقة فهو أكبر كبيرا
وبالعودة لمقاصد الحج يتبين لنا المقصد الثاني
2_العبودية التامة لله والخضوع والإفتقار.. ومن يفتقد ذلك يفتقد التقوى في الحج.. ومن افتقدها لم يكتمل حجه..
3_الوحدة الإسلامية بين كل الأجناس والألوان بين الفقراء والأغنياء.. بين النساء والرجال.. (خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ) (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ) وأني لاتعجب من دين وحد الإنسانية تحت راية التوحيد. ثم يتناحر أهله بإسم المذهبية والطائفية والعرقية.. فيتقاتلون.. وينهبون.. ويغتصبون..
5_تعويد الحاج على تحمل مشقة السفر ومفارقة الأحبة.. والتضحية بالراحة.. فالسفر قطعة من العذاب.. فتحمله مع مضاعفة الجهد دليل خير.
6_عبادة اجتمع فيها الإبتلاء بالمال والبدن.. وهو ابتلاء بالصبر على الطاعة.. وابتلاء بالصبر عن المعصية بترك الفسوق
7_يربي في الإنسان قوة التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه (خذوا عني مناسككم) ومن يتربى على إتخاذ النبي قدوة له حاز على خيري الدنيا والآخرة.. في الدنيا أجر الإقتداء.. وفي الآخرة الفوز بشفاعته
8_الحج يوم مصغر عن يوم المحشر بتجرده من ملابسه. وشدة الزحام.. والتعرق.. ولباس الإحرام.. والذهول عن بعض الرفقاء حال الضياع..
9_فرحته بالخروج كيوم ولدته أمه بعد الحج كمن يخرج من ذنوبه عنه، : (من حج هذا البيت فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته امه) مسلم
10_التعود على ذكر الله في جميع الخطوات إلى إنتهاء المناسك(فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا )
(فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)
(لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ)
11_تهذيب الأخلاق والتمرين على الصبر بكل أنواعه.. صبر على الطاعة في خطوات المناسك.. صبر عن المعصية بترك الفسوق والرفث( فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)
ومحظورات الإحرام.. وصبر على مصيبة المال كإبتلاءه بنفقة الحج وتبعات تكاليفه..
13_قصر الأمل.. فمن يتأمل في سرعة إنقضاء أعمال الحج يدرك سرعة الأيام
14_رحلة إيمانية من التاريخ السحيق لها ارتباط إيماني وثيق من حج آدم عليه السلام إلى أن رفع إبراهيم القواعد من البيت وأذن بالناس بالحج( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ).
(وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)
15_الحج عبادة مشتركة بين الملائكة في العالم العلوي في البيت المعمور(وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) والعالم السفلي للبشر
رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إبراهيم مستنداً إلى الكعبة ، لو سقط لسقط على الكعبة، في السماء السابعة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم : (يدخله كل يوم سبعون ألف ملك للتعبد ثم لا يعودون إليه)
16_ارتباط بمهبط الوحي.. لدعوة محمد صلى الله عليه وسلم لثلاثة عشر عاما.. وقبله إبراهيم خليل الرحمن.. وكذلك الأنبياء حيث ثبت أنهم حجوا بيت الله
17_التعود على الإنضباط.. في الطواف بالترتيب والسعي متواليا والمبيت بمنى و مزدلفى.. والوقوف بعرفه.. وو
18_تربية الضمير على مراقبة الله وامتثال أوامره بغض البصر عند الإختلاط.. وعند إكمال المناسك..
سناء الشاذلي