هل غلبت آحادُكَ عشَراتُك؟؟
هذا المبشر بالجنة..هذا الخليفة العادل الزاهد الفقيه..هذا الذي يوافق كلامه كتاب الله..هذا الذي يفر الشيطان من طريقه
هذا عمر ومن كعمر رضي الله عنه..هذا أول شهيد في محرابِ الفجر..
ماذا قال عند مقتله وهو يعاني أثر طعنات ابو لؤلوة المجوسي حين دخل عليه كعب الأحبار..؟
..وكعب الأحبار يهودي أسلم وكان ينقل عن التوراة الصحيح منها الذي يوافق مافي الكتاب والسنه..وحدثوا عني بني إسرائيل ولا حرج..
وكان قبل مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:
(يا أمير المؤمنين أوصي فإنك ميت في ثلاث ليال ، قال :
وما يدريك؟
قال أجده في كتاب التوراة ، قال عمر " الله إنك " لتجد عمر بن الخطاب في التوراة؟
قال : اللهم لا ولكني أجد حليتك وصفتك فإنك قد فني أجلك ،
قال : وكان عمر لا يحس وجعا! فلما كان الغد جاءه كعب فقال: بقي يومان ، فلما كان الغد جاءه كعب فقال : مضى يومان وبقي يوم فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة... ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر له رأسان فطعن عمر ست ضربات فسقط
فحملوه للبيت ودخل عليه كعب فلما رآه عمر قال:
- توعدني كعب ثلاثا أعدها ولا شك أن القول ما قال كعب وما بي حذار الموت إني لميت ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب
.. ثم اسمع ماذا قال الفاروق أيضا :
ورأسه في حجر ولده عبد الله
_ظلوم لنفسي غير أني مسلم أصلي الصلاة كلها وأصوم
..وبكى يوما فقيل له مايبكيك ؟
قال: أخاف أن أكون أتيت بذنب أحسبه هينا وهو عند الله عظيم
_هذا ماكان يخاف منه شهيد المحراب
مع ماله من شرف المكانه والبشاره بالجنه والشهاده
كان يخاف الذنب فماذا نقول نحن إذا !!
ماذا نقول وقد تكالبت في زماننا الفتن والشهوات ومشاهير الفلس الساقطين الذين علقوا الناس بالدنيا وتفاهاتها؟
..وماذا نقول عن نشر ثقافة العلاقات المحرمه والشذوذ والغرام والحب الحرام ؟
..ماذا نقول وأبصارنا وأسماعنا وكل جوارحنا تتلقى يوميا ماينشر في وسائل التواصل من فواحش وسخافات واسقاطات ؟
..ماذا نقول وقد نسينا في زحمة الاغترار بالدنيا أثر الذنوب وعاقبة الآثام في الدنيا والآخرة ؟
وكأننا ماسمعنا بقوله سبحانه :
( فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
( فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ )
(قُل فلْم يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ) ﴿١٨ المائدة﴾
( فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ )
﴿٤٩ المائدة﴾
(أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ )﴿١٠٠ الأعراف﴾
( كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ )٥٢ الأنفال﴾
( كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ )﴿٥٤ الأنفال
(وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ )﴿٧٨ القصص﴾
(فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ) ﴿٤٠ العنكبوت﴾
فللذنوب عواقف في الدنيا وفي الآخره
..ومن رحمة الله أن جعل السيئة بواحده والحسنه بعشره إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة فقال سبحانه
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا)
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (160) (الأنعام)
(مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) (89) (النمل)
عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: ((إن الله كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة))
إن هذا لخسران مبين ويدل على أن السيئات كثيره جدا جدا حتى فاقت السيئة الواحده
وهو ماقاله ابن مسعود :
(هلك من غلبت واحدته أعشاره)( ويل لمن غلبت آحاده عشراته)
والمراد بآحاده؛ أي: سيئاته؛ لأن السيئة واحدة لا تضاعف، والمراد بعشراته؛ أي: حسناته؛ لأن الحسنة تتضاعف.
وابن مسعود رضي الله عنه هو القائل أيضا :
إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه
وإن الفاجر يرى ذنوبه كذُباب مر على أنفه فقال به هكذا مشيرا بيده
..ولذك يروى عن عون أنه قال:
"ما أقبح السيئات بعد السيئات، وما أحسن الحسنات بعد السيئات، وأحسن من ذلك الحسنات بعد الحسنات!.
والحديث عن خوف السلف يطول وهذه نماذج منها:
• ما فارق الخوف قلبًا إلا خرب.
• الخائف هارب من ربه إلى ربه.
• لا يمحو الشهوات إلا خوف مزعج، أو شوق مقلق.
• التقوى تتولد من الخوف.
• أصل كل خير الخوف من الله.
• إذا سكن الخوف القلوب أحرَق مواضع الشهوات منها، وطرد الدنيا عنها.
• صدق الخوف هو الورع عن الآثام ظاهرًا وباطنًا.
• إن من خاف الله، خاف منه كل شيءٍ، ومن لم يخف الله، خاف من كل شيءٍ.
وختاما :
والخوف من الله جل جلاله من لوازم الإيمان؛ ( فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )
اللهم اغفر ذنوبنا كلها دقها وجلها ظاهرها وباطنها
سناء الشاذلي