توقف قطار المشاعر فتوقف كل شئ







توقف قطار المشاعر فتوقف كل شيء 


# في اللحظات  العصيبة تتبدل المشاعر والاحاسيس والأفكار وأقصد باللحظات العصيبة تلك التي تفصل بين الحياة والموت تلك التي تكون الثواني فيها كأنها ساعة 

# في تلك اللحظات العصيبة يظهر المعدن الحقيقي للإنسان ويظهر صدقه من كذبه وتظهر حقيقة مافي قلبه أنها لحظات تكشف حقيقة الإنسان 



# وكان توقف قطار المشاعر لساعة كاملة في حج هذا العام 1436 من أعظم الدروس التي استلهمنا منها العبر وهو مالم نتعلمه عبر المدارس والكتب وربما سمعنا بوصف دقيق للمواقف المشابهة ولكن السماع شيء ومعايشة الواقع شيء آخر 

# وهانحن نعيش الموقف في حوالي الساعه الثامنة صباحا ونحن سائرون  إلى عرفه 

هانحن عالقون في قطار ضيق المساحة بمقاعد محدودة قد ضاق بآلاف البشر فمنا الجالس ومنا الواقف 
ننتظر الفرج ولا ندري ماالذي يحدث ننتظر مجهول غائب 
بلا ماء وبلا طعام وإن كان الطعام غير مهما بالنسبة للماء لكنه في تلك اللحظه مهما لمرضى انخفاض السكر 

# وبلا أوكسجين حيث بدأ بالتناقص في النصف الساعة الأخيرة بسبب الأعداد البشريه الهائلة وضيق فتحات التهويه التي فتحت من تلقاء نفسها عند حالة الطوارئ التي كنا فيها 

# أما التكيف فبسبب توقف القطار توقف أيضا مما ساهم في تعرقنا بشكل يظن الناظر إلينا أننا خرجنا للتو من حمام سباحة 

# أضف إلى ذلك الجهد البدني الذي يتحمله الحاج للسير لمسافات طويلة والوقوف كذلك مما جعل بعض الحجيج يفقدون أعصابهم 
كيف لا!؟؟؟وهم لايجدون من يجيب على نداءاتهم واستغاثاتهم عبر الهاتف الموصل للمسؤولين في القطار 
كيف لا وكل رجل سيخاف على من معه من نساء وأنهن تحت حمايته؟؟

 ومختصر مانحن فيه كالتالي 


1_آلاف البشر عالقون لمسافة عالية متكدسون على بعضهم والقليل جالسون والأكثرية واقفون ماسكون بأيد معدنية متدلية من الأعلى 

2_انعدام الماء والذي بات ضروريا لشدة التعرق والعطش والحرارة 

3_قلة الأوكسجين ففتحات الطوارئ عبر النوافذ الجانبيه لا تكفي الأعداد الهائله 

4_وجود المرضى وكبار السن إضافة لكثير من النساء اللاتي فقدن أعصابهن 

5_لا مجيب لنداءات الرجال عبر السماعات لمعرفة ماالذي يحدث 
6_لا وجود للإسعافات داخل القطار ولا وجود للمسعفين 

تلك كانت المواقف العصيبة التي عشناها لساعة كاملة ننتظر مجهول لا نعلم ماهو 

وفي تلك اللحظات من توقف قطار المشاعر تغيرت المشاعر 
بل تغير كل شيء 

ولكل واحدة منا شعورها الخاص والذي استمتعنا به وبعبره بعد أن فرج الله علينا فجلسنا في جلسة جمعت بين الدروس والعبر والمحبة والأخوة لتحكي كل واحدة منا عن أصعب موقف ترك أثرا في النفس لايمحى في حجنا وكانت أغلب الإجابات عن توقف القطار 

# وقبل نقل تلك المشاعر والدروس دعوني أكمل لكم مالاحظته في ذلك الموقف 
فها هي صرخات الرجال تتعالى بعد نصف ساعة تقريبا من توقف القطار حيث يطالبون بكسر الأبواب فقلت لصديقتي الأبواب اتوماتكيه وصعبت الكسر ثم ألقي نظرة من النافذه هل يعقل أن يكسر الباب ونلقي بأنفسنا للتهلكه ونسقط من هذا المرتفع؟؟؟؟!!!

_وفجأة سمعنا من يقول كبروا وهللوا ولبوا لعل الله يفرج علينا فتعالت أصوات التكبير والتهليل والتلبيه بعدما خبت واختفت بسبب القلق والتوتر فارتج القطار بالتهليل والتكبير 

_ وتخلل هذا أصوات فزعه خائفة فعن يميني سقطت إمرأة وعن شمالي كذلك وبعد كل ربع ساعة نرى من يغشى عليهم من شدة الحر وقلة الأوكسجين والخوف فاستشعر الأخوه الإسلاميه فهذا يقدم ماء وهذا يروح بمالديه على وجه المغمى عليه وهذا يصبر ويهون على أخيه المسلم 

_ ورأيت أحدهم يتصدق في ذلك الموقف فقلت ربما ألهمه الله الصدقة لتكون سببا في الفرج وربما ادخل السرور على المساكين فأسره الله بنجاته ومن معه وربما  حبه للصدقة جعله حتى في أصعب اللحظات يتصدق في قطار ربما لاينجو منه فتكون آخر أعماله الصدقة والتلبيه 

 دعونا الآن نقرأ بعض مشاعر من كانوا عالقين بقطار المشاعر 


حاجه أ_خفت خوفا شديدا وتذكرت الرافعة والأموات ونسيت كل شي وتذكرت أبنائي الصغار من يربيهم من يعتني بهم دعوت الله أن أعود لهم سالمه 

حاجه ب_تملكت أعصابي لآخر لحظه ثم فقدتها وحين نجاني الله وقلت لأهلي الذين يطمئنون علي الحمدلله طيبه الحمدلله طيبه أدركت قيمة الحياة وكيف أني كنت في القطار ونجاني الله ولم أكن ممن تدافعوا فماتوا الحمدلله يهبنا الله الحياة في أماكن العبادة لنستشعر معنى أن نعيشها في مرضاته 

حاجه ج-:قلت لنفسي ماينجينا إلا اللجوء لله فلجأت إليه ودعوته 

حاجه ح: قلت إنها لخاتمة حسنة أن أموت ملبيه غير أني نظرت للمرتفع فقلت يارب مااموت ويجمعوا أشلائي فلا يجدونها 

حاجه خ : ذكرني بيوم الحشر من الأصوات والخوف والعرق وذهول كل منا عن الآخر فتذكرت( يوم يقوم الناس لرب العالمين )

حاجه د: أصوات وصرخات محشورين في مكان واحد جمع الفقير والغني والأبيض والأسود والعاصي والطائع و و والكل يطمع في الفرج كما الكل يوم القيامة يطمع بالفرج والإختلاف كان في الأصوات(وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا)

حاجه ر: دعوت الله أن ينجيني فأعود لأولادي

حاجه ز: كانت بجانبي امرأة مريضه وكأنها مسحوره كانت تراني أبكي فتقول لي على ماذا تبكين وهي ثابته صابره فخجلت من نفسي


# كانت  الإجابة  الغالبة الخوف على الأبناء مما يدل على أن قلب الأم ليس له شبيه إذ هم بين الحياة والموت لكنهم خائفون على أبناءهم 

حاجه ز: ماأعظمها من خاتمة أن أموت ملبيه 

حاجه س: قلت ماأصغر الدنيا وماأضيقها تذكرت من آذاني فسامحته لوجه الله قلت كيف ألقى الله وفي قلبي شحناء على أخي المسلم 

وبمقارنة الإجابات المختلفه استنتجت أنهم فرقتين فرقة غلب عليها جانب الخوف مع اليأس وفرقة غلب عليها جانب الرجاء مع الفرج وحقيقة العبادة أن نكون بين الرجاء والخوف

# بالنسبة لي كان قلبي مطمئنا لم أفكر لا بأولاد أو أهل أو موت ربما كان لدي إحساس قوي أن الأمور عاقبتها خير
ولاحظت أن من كان معي كان مطمئنا كذلك
ولاأدري سر طمأنينتنا ربما غلبنا جانب الرجاء لدرجة أن إحدى الحاجيات في مجموعتنا أخرجت تمرا بلوز وباشرتنا فأكلنا وكنت أقول لهم انظروا إلى المرتفع كيف لو متنا كيف لو لم ينقذونا فترد صديقتي سنموت شهداء وطبعا كنت اتعمد هذا القول من باب تقبل الواقع والتهيئ له مع التأكيد على الفرج وأن هذا تخفيف ذنوب وان العرق في سبيل الله غير أن إحدى الخائفات كانت تقول لي كلامك يوتر ويقلق فأقول لها لماذا سمعت كلام الخوف ولم تسمعي الرجاء ثم لابد أن تقبلي بالواقع 


وحين وصلنا عرفه اعتذرت مني وقالت والله لم أسمع من كلامك غير الموت من شدة الخوف 

وهذا الموقف علمني أن لا أهون من ردات فعل الناس فليس كلهم على درجه واحده من التحمل 

ثم قالت حين رأيتك ومجموعتك تأكلون التمر إطمأننت 

# وكانت آخر كلمه قبل سير القطار أن سمعت إحداهن من أخرى سيفرجها الله فمشى القطار 

# نعم مهما ضاق الأمر سيفرج إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا 
وإن الفرج مع الكرب 

# في لحظات الكرب ينسى الإنسان كل شي ولا يتذكر سوى الله فعلينا أن نذكر الله في الرخاء ليذكرنا في الشدة 

# إن هذا الكرب كان سببا في التعلق بالله الواحد الأحد خاصة حين رأيت آخر الحج عبدالله باناعمه ذاك المشلول الذي لا حول له ولا قوة يحتضن طفلا بلا يد وحوله الناس في المخيم الذي أمامنا أحدهم يدفع عربته وأخر يوصله لمقره وأخر يطعمه و و فأدركت معني أن تكون مكروبا وتتغشاك رحمة الله الواسعة فيسخر لك كل شيء 

# القطار جماد أمره الله بالتوقف فتوقف وأمره بالسير فسار 
باناعمه والطفل أناس حرموا مما لدينا من نعم لكن سخر الله لهم كثير من النعم 



# نعمة الحياة لمن نجوا من القطار نعمه لا توازيها نعمه فلنجعلها في طاعة من وهبنا الحياة 











الحمدلله الحمدلله الحمدلله

خادمة الدعوة : سناء الشاذلي

تعليقات


لعله خير ربنا بشرنا بأنه مع العسريسرا ونحن نثق بكلام مولانا فما يمربه وطننا الحبيب شيئ عظيم فالرافعة ثم التدافع ومشكلة القطار وسبحان الله رغم كل شيئ فنجد ان الله قد سخرللملكة من يدافع عنها بل وبدأت فضائح من ارادوا بنا السوء يجب ان نعترف ان هناك اخطاء  وهناك بعض القصور ولكن الاعداد الكبيرة ايضاً تحتاج للجهد رغم ان ابناءنا لم يقصروا وكانوا ومازالوا بحبهم لهذا الدين وحبهم لوطنهم ومليكهم يبذلون قصاري جهدهم لتظهر المملكة بأفضل صور ولعل ماحدث أيقظ القلوب الى اهميه الاهتمام بالسلامة وخاصة ف حادثة الرافعه وف حادثة القطار اما التدافع فقد علمنا بحق من هم أعداء هذا الدين ومن هم يبغضون المملكة ولابد ان يتخذ اجراء حازم حتي ولو كان منعهم من الحج لسنوات حتي يتعلموا احترام هذة الشعيرة العظيمة وان ارواح الناس ليست رخيصة ونسأل الله ان يعلي كلمته وسنته ولينصرن الله من نصره

انعام مويس

__________________________________________

ما أجمل المواقف الصعبة حين نخرج منها بدروس وعبر فقسوة الموقف مع عدم معرفة عواقبه وكأن النهاية التى قد نراها بعيدة أصبحت وشيكة ومع هذا كله شعرتم بالطمأنينة ، فخروجكم في سبيل الله وما أجمل الموت في سبيل الله، اختلطت المشاعر الإنسانية واشتد الكرب وعظم البلاء وبكلمة كن انتهى كل شيء وعاد الكون للسكون .... مقال رائع وتصوير اروع تقبل الله حجكم والحمدلله على سلامة الوصول. ... سلمت يمناك



اختك سمر دلعان

_________________________



أولاً : حج مبرور وسعي مشكور وذنب مغفور .           
ثانياً / جعلتيني أعيش جزء من مشاعر الناس في الموقف العصيب ..
وأن يكون الواحد مطمئن ، مستسلم لأمرالله فتلك مرتبة ونعمة يمنها على من يشاء من عباده .            
أن تكتب لك الحياة ، وأنت موقن أنك ميت فتلك فرحة أيما فرحة .   
تلك خواطر عشتها وأنا أقرأ مقالتك ...
جزاك الله خيراً والحمدالله على سلامتكم ..وكل عام ونحن وأنتم أقرب إلى الله .

م _ د

جميع الحقوق محفوظة لمدونةسناء الشاذلي2017