كن خير آخذ.. ( رد الإساءة ، قصة مُلهِمة )
هل تتصور نبيا يصفه ربه بالرحمة( وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين )
ويمتدحه بالخلق العظيم ( وإنك لعلى خلق عظيم )
ويأمره بالملاطفة ( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك)
ويدله على العفو والمشاورة( واعفو عنهم وشاورهم في الأمر )
ويؤكد عليه بأن يحسن ويَعدِل مع المخالف ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن )
ويعلمه ضبط النفس ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )
هل تتصور بعد هذه التوجيهات والتي هي غيض من فيض أن يقابل الرسول صلى الله عليه وسلم العنف بالعنف!!!؟؟؟
وبالتالي أن تقابل أمته وهو قدوتها العنف بالعنف!!!!؟؟
لو قابل النبي صلى الله عليه وسلم العنف بالعنف لما دخل الناس في دين الله أفواجا
لقد مرت على النبي صلى الله عليه وسلم أحداث ومواقف وأشخاص وأمور عظام فقابلها بالحكمة والموعظة الحسنه فكسب القلوب ومالت إليه العقول، إلا فيمن تعدى وافترى وحارب وأصر على الغدر والخيانة ،
وبعد موته إستمرت الإساءات والكراهية من مخالفيه، ولن تنته فاللحق شرذمة غائظة ماكرة إلى قيام الساعة ، حتى وصلنا لزمن أساء له فيه من يدعي أنه في عداد المسلمين جهلا واغترارا وحبا للظهور ، فإذا العداوة قديمة متجددة من المخالفين وممن اغتروا بالمخالفين ، وتتنوع مخالفاتهم بين شتم وقذف إلى ان تطورت على هيئة رسوم وأفلام
فهل نقابل كل هذا بالعنف؟
فنسبهم فيسبوا الله ورسوله عدوا بغير علم ؟ أم نتحلى بخلقه؟
(لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، ولا سبَابَا ، ولا لعَانَا )
تأملوا منهج النبي صلى الله عليه وسلم مع الكافر والجافي الغليظ لتدركوا قيمة نبذ العنف
وأنه لايقابل الإساءة بالإساءة ولا يرد الإساءة بالإنتقام
فعن جابر رضي الله عنه قال: "كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وسلم" بذات الرقاع (إحدى غزوات الرسول)، ونزل رسول الله "صلى الله عليه وسلم" تحت شجرة فعلَّق بها سيفه.
فجاء رجل من المشركين، وسيف رسول الله "صلى الله عليه وسلم" معلَّق بالشجرة فأخذه، فقال الأعرابي: تخافني؟ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": لا، فقال الأعرابي: فمَن يمنعك مني؟ قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم": الله، فسقط السيف من يد الأعرابي، فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وسلم" السيف فقال للأعرابي: مَن يمنعك مني؟ فقال الأعرابي: كن خير آخذ. فقال "صلى الله عليه وسلم": تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أُعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلى رسول الله "صلى الله عليه وسلم" سبيله، فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس" [صححه ابن حبان].
رجل أعرابي كافر يأتي غدرا والرسول صلى الله عليه وسلـم نائم بعيدا عن أصحابه فيأخذ سيف النبي ليقتله فيستيقظ وقد ظن انه تمكن من النبي فيقول مفتخرا : من يمنعك مني ؟ فيرد النبي بكل ثقة
( الله )
نعم الله سيمنع عنه كل حاقد وسفيه ويكفيه كل مستهزء في حياته وبعد مماته ، فثق بالله
فيضطرب الرجل وتهزه كلمة ( الله) فيسقط السيف منه فيلتقطه النبي فيرتعد الأعرابي خوفا وفزعا ها قد أصبح السيف بيده وسيقتلني لا محالة فأنا من بدأته ، ولأنه سمع عن خُلقِه ورحمتِه ورأى ذلك في وجهه فتفائل منشرحا يامحمد كن خير آخذ ، أي لا تؤاخذني بغدري ونيتي بقتلك فاستعطفه بجملة واحدة كن خير آخذ ، فلم يقتله! ولو قتله فالحق معه والسيف معه، بل بيَن الموقف شدة رحمته بالكافر ، فقال : أتدخل في الإسلام؟ قال : لا ، فاحترم رغبته وتمسكه بدينه فلم يقتل ولم يجبر (لكم دينكم ولي دين) ، هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم الذي قالوا عنه نشر الإسلام بالسيف، ولعظمة رحمته وحسن عفوه وترك مقابلة الإساءة بالإساءة عاد الأعرابي إلى أصحابه بعدما وعده بأن لايقاتله مع أعداءه، قائلا ، جئتكم من عند خير الناس
فكن أنت كنبِيك خيرُ آخذ ،
آخذ بحبه بسنته ونشر أخلاقه وتطبيقها نظريا وعمليا ،
كن خير آخذ ولا ترد العنف بالعنف
كن خير آخذ وكن سفيرا لأخلاق محمد صلى الله عليه وسلم
فإن كنت خير آخذ سيكون عدوك خير شاهد ، شاهد على أخلاقك ليُشهد العالم جئناكم من عند خير الناس أمة محمد صلى الله عليه وسلم
كن خير آخذ ليكونوا خير شاهد
كن خير آخذ ليدخلوا في دينك أو يكفوا شرهم
كن خير آخذ ... ماأجملها من عبارة لا تكتب بماء العين ولا بماء الذهب ولا يوزنها شي إلا أن تكون محفورة في القلب مغروزة في العقل
كن خير آخذ .. ثلاث كلمات
مقابل ثلاث قيم
العفو ، التسامح ، الملاطفة
كن خير آخذ .. ثلاث كلمات تطفئ غلا وبغضا ومكرا
كن خير آخذ.. ثلاث كلمات ترفع قدرا وتكسب بها قلبا وتثبت بها حبا
كن خير آخذ .. جملة إستعطاف ، يستجيب لها صاحب القلب الرحيم
أرأيتم .. هذا هو الرسول وهذا ديننا ؟
وهذا هو القلب الرحيم
صلى الله عليه وسلم