شيخوخة الأباء فتنة للأبناء، لا تفتنوا أبناءكم !


 

شيخوخة الأباء فتنة للأبناء، لا تفتنوا أبناءكم !

بعيدا عن دار المسنين التي تكفلت برعاية من تنكر لهم أبناءهم وبخلوا عليهم بزيارة بعد أن بخلوا بالبر ورد الجميل

# أقول بعيدا عن دار المسنين وفي بيت من بيوت المسلمين يقطن آلاف المسنين الذين كانوا يوما من الأيام السند والعضد والمعيل والمعين للأبناء
مسنين بعضهم فقدوا ذاكرتهم وبعضهم ضعفت بنيتهم فلا سمعهم ولا بصرهم ولا عضلاتهم كالسابق 

وبعضهم يعاني أمراض مزمنه وآخرين أصابهم الخرف وبعضهم فوق الضعف والمرض سيئ الخلق مع أبناءه فيجتمع على الإبن الشيخوخة مع سوء الخلق وهذا أعظم بلاء يمكن أن يتعرض له الإبن وبصبره وحلمه يضاعف له الأجر
وبتضجره وتأففه يخسر من حيث كان سيكسب ! فمن أبتلي بوالدين قسو عليه في الصغر وأهملوه وأساؤوا تربيته فيقابل ذلك بالإحتساب والصبر والبر أجره أعظم ممن دلله والداه وأغدقوا عليه فرد لهم الجميل بنفس راضية
فالنفس المدبرة 
غير المقبلة 
والنفس المجروحة غيرالمبسوطة 

في بيوت المسلمين نرى نماذج شتى من البر أو القسوة والجفاء لكبار السن 

# من صور القسوة تلك الأم المسنه التي سقطت فكسر عظمها وكانت محبة للضيوف ومنع أبناءها الضيوف عنها استثقالا للضيف  وكانت تتشوق لرؤياهم وترقب بنظراتها باب غرفتها وما أن ترى أحدهم حتى تبادره بالعتب فيخجل أن يقول لها أبناءك منعونا الزيارة 

# ومسنة أخرى شاء الله أن تكون طريحة الفراش وقد بلغت من العمر عتيا فاحتاجت لأبناءها الذين تقاسموا خدمتها محاولين التغلب على ظروفهم فمنهم من كان سباقا وتحت قدميها
ومنهم من فضل الهرب على الخدمة بحجج واهية 
ومنهم من أبدى تذمره من خدمتها أمامها حتى أدمع عينها فقالت متى أموت فأرتاح؟ !

# ومسنة تعيش وحدها تعاني مرض  الضغط يدخل عليها أبناءها الثلاث كلا على حده فيسألها الأول أخذت الدواء فتقول: لا فيعطيها دواء الضغط ويأتي الثاني فيسألها أخذت الدواء؟ فتقول: لا بحكم مايعتريها من نسيان فيعطيها الدواء وكذلك يفعل الثالث
فلم يأتي الليل إلا والدماء تسيل من أذنها وأنفها وقد فارقت الحياة 
ألم يكن الأولى جلوسها عند أحدهم ألم يقل الله إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما)إن كلمة عندك تعني أن يكونوا عندك وفي كنفك 

# وهذا مسن أبناءه يعيشون في خيره وفي عمارته لم يصل لدرجة الضعف ومازال بقوته لكن أبناءه لا يتفقدوه خاصة لو سافرت والدتهم ينزلون ويصعدون لا يمرون عليه وربما تبقى والدتهم بالشهر لا يزوروها وهم في نفس البناية! 

# وأم أصابها الخرف والنسيان واضطرت للبس الحفاضة بنفسها وتبديلها  آخر الليل مع وحدتها في بيتها هي والخادمة ليس لديها سوى بنت واحدة تعيش خارج مدينتها فلم ترحمها وترحم وحدتها وشيخوختها فتزورها وهي القادرة بل تزورها في السنة مرة علما أن هذه المسنة وصل بها الحال لبقاء الحفاضة باليومين حتى تظهر رائحة بولها

هذا حال بعض الأبناء أما حال الوالدين كما وصفه الشاعر 

كانا إذا سمعا أنينك أسبلا 
دمعيهما أسفا على خديهما  


في المقابل نرى صورا من البر ورد الجميل

لتلك الأم التي ضعفت وأضحت لا   تأكل إلا  عبر الأنبوب يتناوب عليها أبناؤها بالعدل كي يتسنى لهم التفرغ لمهامهم الأسرية بما في ذلك الذكور 
فالملاحظ اعتماد الذكور على البنات ورمي الحمل عليهن 

# وأم أصابها خرف مع النسيان ربما تتصل في النصف الساعه ثلاث مرات تكلم ابنها وهو بدوره يجيبها وكأنها تتصل لأول مره وحين سئل لماذا تفعل هذا ؟قال: كي لا أؤثر عليها وأحسسها أنها خرفت 
وهذا مايفعله أمامها أيضا ففي الساعه الواحده تسأله 10 مرات أين أولادك فيجيبها بلا ضجر عكس أخيه الذي يتضجر من المرة الثالثة صارخا في وجهها أجبتك للتو لماذا تكرري السؤال ؟!

# وبين صور القسوة والبر يتفاوت الأجر بتفاوت النية والجهد 

يبقى على الأباء أن لا يكونوا عالة على أبناءهم فيحملونهم مالا يطيقون فيفتنوهم 
فبعض الأباء والأمهات يجعلون من البر ورقة ضغط يستعملوها لصالحهم 
بغض النظر عن إمكانيات وقدرات أبناءهم 
إما بالضغط على ابن واحد يسكت ويتنازل على حساب ابن مدلل أو متحجج 
وأحيانا بإلزام البنت على حساب الإبن مما يسبب حرج لها مع زوجها 
وقد يرفض الوالدين الذهاب لأحد الأبناء بحجة أنه لا يستطيع ترك بيته فتضطر الإبنة لترك بيتها ورعاية زوجها فيضيع الأبناء 
ضاربين بعرض الحائط أن الإبنة أيضا لا تستطيع ترك بيتها 
وتصل فتنة الأباء للأبناء بأنهم لا يساعدوهم على البر ويحببونهم به فمهما قدم الأبناء يتنكر الأباء قائلين مافيكم خير

# ووصلت فتنة بعض الآباء للتملك فأحدهم زوج كل أبناءه وبقية إبنة بلغت الثلاثين من عمرها يرفض أن يزوجها لتبقى في خدمته.

# فنصيحة للأباء والأمهات الصغار دربوا أنفسكم قبل الكبر 
دربوها على العدل مع الأبناء دربوها على الصبر على تقلب الأحوال دربوها على أن لا تضغط على الأبناء فيتجنبوا الجلوس معكم فينقلب الحال من البر إلى التجنب 

ونصيحة للأبناء أن شيخوخة الأباء فتنه واختبار يمكن أن يجعلك في أعلى عليين 
أو أسفل السافلين فوطن نفسك على التحمل من الآن فلا تدري ماالسن التي سيعيشها والديك

وتذكر أيها الابن : أن شباب اليوم شيخوخة الغد 


فأحسن لشيخوخة والديك يحسن الله شيخوختك
وتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم)
فإن كان الله يكرمه لضعفه فأنت أكرمه لضعفه وارفع شعار(هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)

اسمع لماضيه فهو يحب تذكره 
تكلم عن إنجازات والديك أمامهم 
راعي التغيرات العضوية والنفسية والعقلية 
أشغله بما ينفعه
أشعره بالعناية والإهتمام 
ذكره بأوقات العبادة 
ساعده على النظافة 
علم أولادك أن يزوره ويتفقدوه 

ديننا أوصى بأن نرعاهما 
والوفا حق كدين للمدين 
اصنع الخيرات وأرحم ضعفهم 
واسع في إرضائهم في كل حين


أ. سناء الشاذلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونةسناء الشاذلي2017