بالوالدين إحسانا وبالأبناء رفقا


كثيرا مانطلب من الأبناء البر وحسن الخلق

ونادرا مانطالب الوالدين بالرفق وحسن التربية
والعدل بين الأبناء؟

وبذلك نفقد التوازن المطلوب في العلاقة بين الوالدين والأبناء مع المطالبة وبشدة بأهمية برهما والإحسان إليهما
بالإستشهاد بآية ( وبالوالدين إحسانا)
( ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما)
ثم ننسى الجزء المهم في الآية ( كما ربياني صغيرا) فالوالد الحقيقي هو من قام بحق التربية لا من ضرب وأهان وأهمل ابنه أو تركه رضيعا وتخلى عنه ثم طالبه عند الكبر بالبر .

وهذا تماما كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأحد الأباء عققته صغيرا فعقك كبيرا وفي القصص الدنيوي مايدل على اختلال هذا الميزان وبالتالي اختلال العلاقة ومفهوم البر من ذلك أم تدعي على أبناءها دوما ولأتفه الأسباب آخر هذه الدعوات : الله يصيبك بمرض السرطان .

وأم أخرى : دوما تلقي على مسامع ابنتها أنا لا أحبك؟
وأب منشغل في الدنيا وتجارتها الخاسره على حساب أبناء التجارة فهم أربح وأضمن حتى لا يعرف عنهم شيئا واب آخر مابين سفر وأصحاب لا يفيق إلا إذا قالوا له ابنك في المشفى نعالجه من الإدمان بعد القبض عليه وأم تفرق تفريقا بغيضا بين الأبناء فالذكور لديها أحب بكثير من الإناث ؟ .

وهل سمعتم بذلك الأب الذي كتب أمواله بإسم الذكور وحرم الإناث بحجة أن أزواجهن أجانب متعديا على شريعة الله (وللذكر مثل حظ الإنثيين) .



أما أنا فبحكم اختلاطي في دعوتي مع الناس فقد رأيت وسمعت أكبر من هذا لقد سمعت والدة بعد محاضرتي هذه التي ختمتها بأهمية الدعاء للأبناء لا الدعاء عليهم تقول:
بندم لقد دعوت على ولدي بأن يصيبه الله بداء عضال ليس له دواء فأصابه بالصرع؟
وسمعت بنفسي من تدعي على ابنتها الله يكشف حالك حتى كشف حال البنت؟
وتلك التي قست وضربت وحبست وأهانت ولما كبر أبنائها جفوها وتطاولوا عليها حتى قالت لها ابنتها أمام الناس أنا أكرهك أما ابنها فقد تمرد عليها وبنتها الأخرى أصيبت بحالة نفسيه أما حالات الإهمال فحدث ولاحرج أب شارب للخمر يدفع أبناءه للشرب بإهماله أم لا تصلي ولا تأمر أبناءها بالصلاة الوالدان منشغلان في الحياة والأبناء ضياع هذا القصص الدنيوي لحال كثير من الأباء أما القصص القرآني فكما يدعو للإحسان فهو يدل على حسن التربية وأن أساسها الرحمة والحنان وأول مانستشهد به من آيات بأبي الأنبياء نوح عليه السلام حين نادى ابنه وهو كافر مخالف له بكل حنان أبوي وبأجمل كلمة يحب أن يسمعها الإبن ليستدر عطفه ويستميله إليه في لحظات عصيبة لحظات ستغرق فيها الأرض وتنتهي حياة الإبن إما جنة وإما نار ومع ذلك لم يدعو عليه لم يزجره لم يجبره لم يقل له ياكافر بل قال بكل حنان ( يابني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين ) .

وهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يستشير ولده في ذبحه مع علمه أنه أمر إلاهي لكنها الأبوة التي يعلمنا إياها إبراهيم عليه السلام في كيفية معاملة الأبناء ومشاورتهم (يابني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) .

فأين الأباء القاتلين لأبناءهم معنويا ونفسيا عن هذا؟
بل أين أولئك الأباء الذين قتلوا أبناءهم من جراء التعذيب بالضرب والحرق؟

وتأملوا في الأب يعقوب عليه السلام فرغم يقينه بما فعل أبناءه بإبنه المقرب إلى قلبه يوسف عليه السلام يخاطبهم بكل عطف ممكن
أن يضرب مثلا لأباء هذا الزمان ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون) .


ولما أخبروه أن ابنه الآخر عند عزيز مصر قد سرق وأن عليهم أن يعودوا لمصر لإرجاعه قال بكل خوف وحنان أبوهم ( يابني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة ) وحين أخبروه أن ابنه محبوس هناك أعاد نفس المقولة السابقة ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) وفي المرتين يضرب لنا أروع الأمثلة في كيفية احتواء الأبناء لا تنفيرهم وانفضاضهم من حوله .

أما لقمان الحكيم فإن وصاياه لابنه وطريقة تربيته له تعيد في حسابات كثير من الأباء أصول التربية ومسؤولية تزكية الأبناء وتوجيههم بشكل صحيح أذ تدرج في تربية ولده من الأعلى إلى الأدنى مبتدأ بحق الله ( يابني لا تشرك بالله)وحق الوالدين ( وصاحبهما في الدنيا معروفا) وحق النفس والإخرين ( يابني أقم الصلاة ) ( ولا تمش في الأرض مرحا) وفي كل وصاياه لإبنه يقول : يابني يابني يابني فهل تعلمون أن كثيرا من الأبناء
محرومون من هذه الكلمة؟!! .



للوالدين حق وعليهم واجب للوالدين حق في طاعتهما وإن كانا كافرين في حدود طاعة الله وعليهم واجب في إحسان التربية بالوالدين إحسانا وبالأبناء رفقا كي تنعم الأسر بالإستقرار النفسي والأمن .



مسك الختام غضب رجلا يوما على ولده فأرسل إلى حكيم العرب الأحنف بن قيس ليسأله عن رأيه فقال له :
هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليله وسماء ظليله فان طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم فإنهم يمنحوك ودهم

همسة من نور مهما قسى الوالدان فلا تجعل ذلك مبررا للعصيان ويبقى لهما البر والإحسان لأن هذا يرضي الرحمن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونةسناء الشاذلي2017