إسمع لماذا انتحر واعتبر؟

 

 

 

 

إسمع لماذا انتحر واعتبر؟

 

° قالت : زوجي انتحر 

° قلت : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اغفر له وارحمه 

ولماذا انتحر ؟

 

- وقد قال تعالى : ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ 

 

-  وقاتل نفسه يوم القيامة يعذب بالشيء الذي قتل به نفسه:

فقال صلَّى الله عليه وسلم : ((مَن تردَّى من جبل فقتَلَ نفسَه فهو في نار جهنم، يتردى فيها خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسَّى سمًّا فقتَل نفسَه فسُمُّه في يدِه، يتَحسَّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن قتَلَ نفسَه بحديدة فحديدتُه في يده، يجَأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا))؛ متفق عليه.

 

- وقال صلى الله عليه وسلم: ((ومَن قتَل نفسَه بشيء في الدنيا عذِّب به يوم القيامة))؛ متفق عليه.

 

- ومن صور الترهيب التصريح

بقوله صلى الله عليه وسلم: ((كانَ فيمن كان قبلَكم: رجلٌ به جرحٌ فجزعَ، فأخذ سكِّينًا فحزَّ بها يده، فما رقأ الدم حتَّى ماتَ؛ قال الله تعالى: بادَرَني عبدي بنفسه، حرَّمتُ عليه الجنه))

 

° قالت : فقد إبنا له في حادث سياره فحزن حزنا شديدا وصبر غير أن الناس لاموه وعيروه وأنبُوه أنت من قتلت ابنك؟

° قلت : ولماذا؟

° قالت : كان يدعو دائما الله يأخذكم وفي لسانه هذه الكلمه طوال عمره

° قلت : صحيح نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على النفس والابناء ولكن وافق دعاءه القدر.. وقدر الله وماشاء فعل..ومع ذلك على الإنسان أن لايستعجل الشر بدعائه..فإذا وقع مادعا به يُسلم أمره لله..فله الخلق والأمر

° قالت : لكن الناس لم يرحموه..وهو في أشد حالاته ضعفا وقهرا على فلذة كبده

 

 

 

° قلت : القوة النفسيه أهم من القوة الجسديه وهذا درس لكل مبتلى بأذى الناس وكلماتهم الجارحه لما لها من أثر كبير لذلك قال سبحانه ( اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ ) فالصبر على أذى الكلمات من أعظم أنواع الصبر ..

 

 

وقد صبر الأنبياء على أذى الكلمات الجارحه صبرا عظيما، كيف وهي جارحة كاذبة خاطئه؟ 

 

* فقالوا عن نوح كذاب ضال ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) وهددوه بالرجم( لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ ) وأنه وقومه من الأرذلين( أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ) وأنه مجنون ( مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ )

 

* وقالوا عن هود سفيه كاذب ( إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ )

 

* وقالوا عن إبراهيم عليه السلام كاذب وانضم أبوه مع قومه في الأذى ( لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ) وهددوه بالقتل والحرق( قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ )

 

* وموسى عليه السلام قالوا  ساحر  ( إِنَّ هَٰذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ ) 

وعنده داء البرص(  لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا ) وعن قومه ( إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ )

 

* وقالوا إن أيوب أصابه ماأصابه من مرض  من ذنب فعله فدعا الله( أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ )

 

* وقالوا عن لوط كاذب ضال ومن قوة الأذى قرروا إخراجه من قريتهم ( أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ )

 

* وكذبوا شعيبا وقالوا ( وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ ) 

 

* أما رسولنا صلى الله عليه وسلم فكان نصيبه من الأذى أعظم وأشد وأقوى فقالوا ( شاعر وكاهن ومجنون وساحر وأبتر وكذاب أشر ) فكل ماتأذوا به الأنبياء بكلمه واحده تأذى به صلى الله عليه وسلم  بالكلمات مجتمعه ..

 

( بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ)

 وقالوا: (أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ )

 وقالوا: ( سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ )

 

 

 

ومع ذلك صبروا متأسين بقوله تعالى ( وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا آذَيْتُمُونَا )

 

والكلمات تكون أحيانا لكَمَات والعاقل من يدرب نفسه على تحمل الأذى ( اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ )

 

 

 

° قالت : قد صبر ثم بعد عدة شهور انتكس وأصبح يردد كلمات غير مفهومه..ودخل في حالة إكتئاب شديده

 

 

 

° قلت : هذا مايفعله الأذى وكأني أسمعه يقول :

 

قتلتوني بكلماتكم الجارحات .. 

طعنتم قلبي بلكَمات لا كلِمات ..

كنت أنتظر مواساة وتصبير ..

لا عِتَابات ...

كانت نظراتُكُم كأنها رصَاصَات .. 

وكلماتُكم تثقبُ قلبي بكدَمَات .. 

تلومُوني على موت ولدي ..

حتى بتُ أنام على أهَات .. 

وأفيق على حسَرات .. 

فأصبتوني بتأنيب الضمير وجلدِ الذَات .. 

ولم تُعِينوني على الصبر والثَبات ..

وتُذَكِروني بما عند الله من رحَمات .. 

بل قلتم دعا على ولَدِه فمات ..

 

 

 

ومازاد من ضعفه إلا كلمات من حوله الذين نسوا أن الإنسان في حال إنكساره يحتاج للإحتواء والحنان والمواساه لا التأنيب والتجريح فقالوا له أنت سبب موته فقد كنت تدعي على ابناءك بالموت فأصابتَ ابنك بدعائك وكرووا عليه حتى أوصلوه للإحباط واليأس ونسوا أن الله يقول ( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا )

( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ )

 

° قالت : وهل هو في النار ؟ هل سيخلد فيها؟ لأن الناس لم يرحموا حالي بعد موته

 

° قلت : نعم الإنتحار كبيره ومحرم..لكن لا أحد يستطيع أن يجزم لأن العليم الحكيم الخبير يحكم مايريد..ورحمته وسعت كل شي ..ويكفي أن الله يقول( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ) وماأدراك أنه ممن بمشيئة الله شملته المغفره ؟

 

وماأدراك أن يكون مرفوع عنه القلم لمرض نفسي ؟

 

والأحاديث التي تبين أن المنتحر في النار صحيحه لكن الموحد لا يخلد فيها ..

 

° قالت: الناس تتحدث عنه بسوء وتتشمت قبل الموت وبعده؟

 

° قلت : أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب خمرا، قال: "اضربوه" قال أبو هريرة: فمنا الضارب بيده، والضارب بنعله، والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم: أخزاك الله، قال: "لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان". واغلب الناس يعينوا الشيطان على العاصي والمذنب ولا يدرون ماذا يكسبون غدا ..

 

 

والمفترض إذا رأينا إنسانا على معصية لا نقول : هذا لا يُغفرُ له، وهذا لا تقبل توبته، فنحن  نتألى على الله ونتطاول على حكمه، والله أحكم وأعلم وأعدل،

 

وختاما ….

 

عليكم بالصبر فإنه أعظم جبر

 

 

سناء الشاذلي