رجب الأصم بين الطاعة والإثم


 


 
رجب الأصم بين الطاعة والإثم
 
 
من رحمة الله سبحانه أن جعل للإنسان مواسم طاعات يستعيد فيها نفسه ويجدد نشاطه وإيمانه ويراجع حساباته ويتراجع عن سيئاته..
 
من ذلك التفاضل في الزمان والمكان بعبادات مشروعه وهو تفاضل لبيان من يعظم أوامر الله ومن يتقيه ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )
كحرمة مكه ( وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ )
وحرمة المدينه فالذنب فيهما أشد
وحرمة رمضان والأشهر الحرم الأربعه ثلاثة متتاليه ذو القعده وذو الحجه ومحرم وواحد مفرد شهر( رجب)
 
 
 
وقد كان معظما عند العرب قديما لذا سمي رجب من الترجيب اي التعظيم.. حيث يتوقف القتال فيه.

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ )
 
فسماها حرم لحرمتها وأشد تلك الحرمه الظلم بكل أنواعه.. وسماها الدين القيم.. لبيان أن تعظيمها من الدين وأن الدين قيم على كل شي ومقيم للإنسان
 
 
 
والعبد في رجب بين الطاعه والإثم.. وإن كانت كل الشهور يعظُم فيها الإثم وتضاعف فيها الحسنات ..غير أن الشهور الحُرم أولى تعظيما.. وخوفا.. منها شهر رجب الأصم.. وكانت العرب وهم أهل جاهليه يعظمونه ويوقفون القتال فلا صوت فيه لسلاح.. وسيوف.. ولا حركة لقتال.. ولا صوت لصهيل.. وصراخ.. وكأن الحياة صُمَّت حولهم.. وكأنها صَمّاء وخرساء.... وحريٌ بالمؤمن أن يجعله شهرا أصَماً من كل المعاصي والمنكرات والملهيات.. والظلم والإثم.. فلا يجعله شهر ظلم.ٍ بل شهرَ صُمٍ من كلِ إثم.ٍ
 
ومابين الإثم والطاعة والظلم في الشهر الأصمَ
 
هل تضاعف السيئات والحسنات؟ 
 
 
إليكم التفصيل : ( من فتوى ابن باز بتصرف) 
 
° أما الحسنات فتضاعف عموما لقوله سبحانه ( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )
 
فكيف لو كانت في أشهر حرم ومكان وزمان فاضل..
 
والأعظم لو كانت بإخلاص تام.. لذلك يضاعف الله لأضعاف كثيره ولسبعمائة ضعف بسبب الإخلاص في النيه والحرص فتضاعف كما وكيفا
 
° أما السيئات فالذي عليه المحققون من أهل العلم أنها لا تضاعف من جهة العدد، ولكن تضاعف من جهة الكيفية، أما العدد فلا، لأن الله سبحانه وتعالى يقول : مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا[الأنعام:160].


 
فالسيئات لا تضاعف من جهة العدد، لا في رمضان ولا في الحرم ولا في غيرها، بل السيئة بواحدة دائمًا، وهذا من فضله سبحانه وتعالى وإحسانه. ولكن سيئة الحرَم وسيئة رمضان وسيئة عشر ذي الحجة أعظم إثمًا من السيئة فيما سوى ذلك، فسيئة في مكة أعظم وأكبر وأشد إثمًا في غيرها وسيئة في رمضان وسيئة في عشر ذي الحجة أشد وأعظم من سيئة في رجب.. وسيئة في رجب أعظم من سيئة في أشهر السنة الغير محرمه فهي تضاعف من جهة الكيفية لا من جهة العدد،  ومما يدل على شدة الوعيد في سيئات الحرم وأن سيئة الحرم عظيمة وشديدة، وهو يقاس على الأشهر الحرُم قول الله تعالى: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الحج:25].
 
 وهذا كله يدلنا على أن السيئة في الحرم لها شأن خطير. فكيف لو كانت أيضا بأشهر حرم
 
_ وكلمة إلحاد تعم كل ميل إلى باطل، سواء كان في العقيدة أو غيرها؛ لأن الله تعالى قال: وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ
فنكَّر الجميع، فإذا ألحد أحد أي إلحاد فإنه مُتوعدٌ بهذا الوعيد. 
 
_ وقد يكون الميل إلى سيئة من السيئات كشرب الخمر والزنا وعقوق الوالدين أو أحدهما فتكون عقوبته أخف وأقل من عقوبة الكافر. وقد تكون بالتهاون بالإختلاط الممزوج بنغمات الموسيقى على مقربة من بيوت الله
 
_ وقد يكون  الإلحاد بظلم العباد بالقتل أو الضرب أو أخذ الأموال أو السب أو غير ذلك فهذا نوع آخر، وكله يسمى إلحادًا، وكله يسمى ظلمًا، وصاحبه على خطر عظيم،
 
ومابين الإثم وتعظيم الذنب والطاعة ومضاعفة الحسنات
ومابين العلم والجهل .. والإبتداع وترك السنة
تطل علينا بدعا رجبية كثيره
 
منها :
 
أولا : صلاة الرغائب :
 
وهي اثنتا عشرة ركعة بعد المغرب في أول جمعة بست تسليمات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة القدر ثلاثا والإخلاص ثنتي عشرة مرة وبعد الانتهاء من الصلاة يصلي على النبي  صلى الله عليه وسلم  سبعين مرة ويدعو بما شاء . وهي بلا شك بدعة منكرة وحديثها موضوع بلا ريب وذكرها ابن الجوزي في ( الموضوعات 2/124) وقال النووي رحمه الله تعالى " واحتج به العلماء على كراهة هذه الصلاة المبتدعة التي تسمى الرغائب قاتل الله واضعها ومخترعها فإنها بدعة منكرة 
 
 
 
ثانيا : صلاة النصف من رجب :
 
وهو من الأحاديث الموضوعة ( الموضوعات لابن الجوزي 2/126)
 
 
ثالثا : صلاة ليلة المعراج :
 
وهي صلاة تصلى ليلة السابع والعشرين من رجب وتسمى : صلاة ليلة المعراج وهي من الصلوات المبتدعة التي لا أصل لها صحيح لا من كتاب ولا سنة، ودعوى أن المعراج كان في  رجب غير ثابته.. وقد أورد بعض أهل العلم.. أنه أُسري برسول الله  صلى الله عليه وسلم  ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الأول" ا.هـ ( الباعث /232 شرح مسلم للنووي 2/209 تبيين العجب /21 مواهب الجليل 2/408 ) . ومن يصليها يحتج بما رُوي عن النبي  صلى الله عليه وسلم  أنه قال ( في رجب ليلة كُتب للعامل فيها حسنات مائة سنة وذلك لثلاث بقين من رجب ..) رواه البيهقي في الشعب 3/374 وضعفه كما ضعفه الحافظ ابن حجر في تبيين العجب (25) وقال القاري " ضعيف جدا " الأدب في رجب / 48 أقول : أمارات الوضع ظاهرة عليه فقد أجمع العلماء على أن أفضل ليلة في السنة ليلة القدر وهذا الخبر يخالف ذلك .
 
رابعا : ومن بدع تلك الليلة :
 
 الاجتماع وزيادة الوقيد والطعام قال الشيخ علي القاري " لا شك أنها بدعة سيئة وفعلة منكرة لما فيها من إسراف الأموال والتشبه بعبدة النار في إظهار الأحوال " ا.هـ الأدب في رجب /46
 
 
خامسا : صيام رجب
 
رجب كغيره من الأشهر لم يرد في الترغيب في صيامه حديث صحيح بل يُشرع أن يصام منه الإثنين والخميس والأيام البيض لمن عادته الصيام كغيره من الأشهر أما إفراده بذلك فلا . 
أما ما يذكره الوعاظ والقصاصون في الترغيب في صيام شهر رجب كحديث ( إن في رجب نهرا يقال له رجب ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل من صام يوما من رجب شرب منه ) وهو حديث موضوع رواه ابن الجوزي في الواهيات (912) وقال الذهبي " باطل " ا.هـ الميزان 6/524 وحديث ( رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات فمن صام يوما من رجب فكأنما صام سنة ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ومن صام منه ثمانية أيام فتح له ثمانية أبواب الجنة ومن صام منه عشر أيام لم يسأل الله إلا أعطاه ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد في السماء قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل ومن زاد زاده الله ) رواه البيهقي في الشعب (3801 ) والطبراني في الكبير (5538) وعده الحافظ ابن حجر من الأحاديث الباطلة ( مواهب الجليل 2/408 ) وقال الهيثمي "
 
 
 
سادسا : أحاديث منتشرة غير صحيحة :
 
 
إليك الأحاديث المنتشرة  وهي غير صحيحة مع ذكر المصادر التي حكمت عليها بعدم الصحة و هي كما يلي : 
 
حديث : [ من يبارك الناس بهذا الشهر - يعني شهر رجب - الفضيل يــحرم عليه النار ]
 
وهو حديث كذب موضوع ليس له وجود
 
حديث : (( اللهم بارك لنا في رجب و شعبان و بلغنا رمضان )) رواه أحمد و الطبراني في الأوسط .. قال عنه الهيثمي : رواه البزار وفيه زائدة بن أبي الرقاد قال البخاري منكر الحديث وجهله جماعة 
 
 
انظر : كتاب مجمع الزوائد للهيثمي 2 / 165 طبعة دار الريان لعام 1407هـ .. وضعفه النووي كما في الأذكار و الذهبي كما في الميزان 3 / 96 طبعة دار الكتب العلمية لعام 1995م .
 
حديث : (( فضل شهر رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام )) 
قال ابن حجر إنه موضوع .. انظر : كتاب كشف الخفاء 2 / 110 للعجلوني طبعة مؤسسة الرسالة لعام 1405هـ
 
حديث : (( رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي ))

رواه الديلمي وغيره عن أنس مرفوعا لكن ذكره ابن الجوزي في الموضوعات بطرق عديدة وكذا الحافظ ابن حجر في كتاب تبيين العجب فيما ورد في رجب .. انظر : كتاب فيض القدير للمناوي 4 / 162 و 166 طبعة المكتبة التجارية الكبرى لعام 1356هـ , و كتاب كشف الخفاء للعجلوني 2 / 13 طبعة مؤسسة الرسالة لعام 1405هـ 
 
حديث : (( لا تغفلوا عن أول جمعة من رجب فإنها ليلة تسميها الملائكة الرغائب وذكر الحديث المكذوب بطوله ))

انظر : كتاب كشف الخفاء للعجلوني 1 / 95 طبعة مؤسسة الرسالة لعام 1405هـ , وكتاب نقد المنقول للزرعي 1 / 83 طبعة دار القادري لعام 1411هـ 
 
حديث : (( رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات فمن صام يوما من رجب فكأنما صام سنة ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم ومن صام منه ثمانية أيام حسنة له ثمانية أبواب الجنة ومن صام منه عشر أيام لم يسأل الله إلا أعطاه ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد في السماء قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل ومن زاد زاده الله وفي رجب حمل الله نوحا فصام رجب وأمر من معه أن يصوموا فجرت سبعة أشهر أخر ذلك يوم عاشوراء اهبط على الجودي فصام نوح ومن معه والوحش شكرا لله عز وجل وفي يوم عاشوراء فلق الله البحر لبني إسرائيل وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم صلى الله عليه وسلم وعلى مدينة يونس وفيه ولد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ))
 
تنبيه :
 
فأنت إذا في شهر يُفتَرضُ أن تَصُمَّ نفسك فيه عن الإثم وتُبادرَ للطاعة، وتحذر من البدع والظُلم.. فبادَر قبل أن تُغَادر …

الأستاذة: سناء الشاذلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملاحظة : سيتم النشر عند الموافقة على التعليق